بالتزامن مع الحرب والتدمير الممنهج المستمر في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأخيرًا في لبنان، هناك حرب أخرى تدور في الظلام خلف الستائر في الغرف المغلقة تتغلغل من دون ضجيج ولفت للأنظار.
تلك الحرب، تعد شكلًا من أشكال الصراع الذي يهدف للتأثير على الخصم وإضعاف معنوياته وتوجيه فكره وعقيدته وآرائه، وإحلال أفكار أخرى مكانها. وهي الحرب النفسية أو حرب العصر، كما أصبح يطلق عليها.
ولممارسة الحرب النفسية، أنشأت أغلب دول العالم مكاتب تابعة لأجهزة الاستخبارات، شغلها الشاغل التخطيط ووضع الاستراتيجيات لهذا النوع من الحروب، وهمها الوحيد نشر الشائعات وزرع الفتن، والترصد والتضليل على مواقع التواصل الاجتماعي.
من يطلع على سجالات مواقع التواصل العربية، لا تخفى عليه الحروب الدائرة هناك.. لكن، من الذي يغذيها؟
كشف موقع "ديكلاسيفايد" البريطاني وفقًا لوثائق سرية مسربة أن بريطانيا قدمت تدريبات ونصائح لجيش الاحتلال الإسرائيلي سرًا حول تقنيات الحرب النفسية.
مكافحة الأفكار المقاومة
وبحسب الوثائق، عمل اللواء السابع والسبعون التابع للجيش البريطاني على تزويد الجيش الإسرائيلي باستراتيجيات وتقنيات هذا النوع من الحروب "في عصر المعلومات"، مثل الهجمات الإلكترونية وأنشطة الدعاية ومكافحة الأفكار المقاومة عبر الإنترنت.
وتضمنت العمليات الإعلامية الإسرائيلية استخدام مقاطع فيديو ملفقة، وحسابات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي للدفاع عن قصف غزة في حربها الحالية، بحسب الموقع.
وكان الكشف عن هذه الوثائق والتسريبات مثار نقاش واسع في بريطانيا.
فقال البروفيسور بول روجرز، الزميل الفخري في كلية القيادة والأركان المشتركة عن التحقيق: "هذا كشف بالغ الأهمية يظهر مدى الروابط رفيعة المستوى بين مشغلي الحرب النفسية الإسرائيلية والبريطانية، وكما هو الحال دائمًا نحن بحاجة إلى مزيد من الشفافية من جانب الجيش البريطاني".
تبادلات سرية مع الجيش الإسرائيلي
وفي مواقع التواصل أيضًا كتب الصحافي الذي أجرى التحقيق جون مكوفي: "حصلنا حصريًا على وثائق مسربة من الجيش الإسرائيلي. وهي تكشف كيف أجرى اللواء السابع والسبعون البريطاني - المتخصص في العمليات النفسية - تبادلات سرية مع الجيش الإسرائيلي".
وكتب الصحافي البريطاني المتخصص في التحقيقات الاستقصائية مات كينارد قائلًا: "وسائل الإعلام البريطانية تتستر على تورطنا، هذه إبادة جماعية ثلاثية في غزة: إسرائيل والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، يجب أن ننهي تواطؤنا".
بدوره، كتب فرانسيس توبين "في هذه اللحظة يشعر ستارمر بالأمان في منصبه، لكنه بالتأكيد يغرق في موقف التورط في جرائم حرب، والذي سيلاحقه إلى النهاية".
أمّا الناشط البريطاني في مجال حقوق الإنسان ألكس سميث فكتب: "هذا يدل على غياب الشفافية والمساءلة. ما هو الأمر الآخر الذي يجري إخفاؤه عن الجمهور؟".