في أول زيارة له إلى لبنان منذ تسلمه منصبه، وجّه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من بيروت رسائل تضامن مع لبنان ومقاومته.
وهو موقف أكّده المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بالقول، إن بلاده "سترد بشكل قاطع وصلب" على أي هجوم يستهدفها، مضيفًا أن "سلوك إسرائيل يبعث على مزيد من الغضب والمقاومة اللازمة لزوالها من الوجود".
مشاورات أمنية إسرائيلية
وذهب نائب قائد الحرس الثوري الإيراني إلى القول إنَّ إيران ستستهدف منشآت الطاقة والغاز في إسرائيل إذا اقترفت تل أبيب الخطأ بمهاجمة طهران.
وأعلنت إسرائيل التي تدخل عامها الجديد وفق التقويم العبري، وتخوض حروبًا على جبهات عدة، عن مقتل جنديين وإصابة عشرين آخرين إثر هجوم بطائرة مسيَّرة لم تكشفها أجهزة الرادار، ورجّحت تل أبيب أنها قادمة من العراق قبل انفجارها مستهدفةً شمال الجولان.
ويواصل المسؤولون الإسرائيليون مشاوراتهم الأمنية للرد على الهجوم الصاروخي الإيراني وفق ما يتردد في وسائل الإعلام العبرية التي تتناول مصطلحًا تردده دوائر الحكم في تل أبيب، ويقوم على مفهوم "جباية ثمن من النظام الإيراني".
وفي هذا الإطار التصعيدي، قال وزير الأمن الإسرائيلي، إن "المناورة البرية في الشمال ستستمر حتى تطهير المنطقة من الأسلحة"، وفق تعبيره.
من جهتها، تدعم الولايات المتحدة هذا الاتجاه، حيث قالت بالأمس على لسان رئيسها إنّ نقاشًا يدور مع إسرائيل بشأن احتمال قيام تل أبيب بتوجيه ضربة للمنشآت النفطية لإيران.
وهذا يعني أن المؤسسة الأمنية تستعد لسيناريوهات مختلفة بالتنسيق مع الولايات المتحدة. لكن من الصعب التكهُّن بما سيحدث في مآلات الصراع وفق تصريح الخارجية الأميركية، ليمرر البنتاغون رسائل حاسمة بأنَّ واشنطن ستكون جزءًا من النقاش بشأن أي رد إسرائيلي على إيران.
إيران تدعم المقاومة
وفي هذا السياق، يرى مدير دراسات الشرق الأوسط في مركز الدراسات الخارجية الإيرانية، مجتبى فردوسي بور، أن زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى بيروت تحمل أهمية خاصة، حيث قدّمت طهران مساعدات طبية للشعب اللبناني في ظل الحرب التي يواجهها.
ويلف بور، في حديثه للتلفزيون العربي من طهران، إلى أن إيران تعبّر عن دعمها للمقاومة، معتبرًا أن المشاورات السياسية بين إيران والحكومة اللبنانية ضرورية.
ويضيف أن وقف إطلاق النار في لبنان كان وشيكًا قبل اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، مشيرًا إلى أن حزب الله كان قد وافق على وقف لإطلاق النار لمدة 21 يومًا، لكن إسرائيل "لا تسعى لتحقيق الأمن الإقليمي بل التصعيد والحرب".
خيارات الرد الإسرائيلي
وبشأن الخيارات الأكثر احتمالًا لرد إسرائيل على الهجوم الصاروخي الإيراني، يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي، جاكي خوري، أن إحدى النقاط الأساسية التي تميز هذه المرحلة هي "الشعور العام بعدم وجود سقف لتصرفات حكومة بنيامين نتنياهو"، حيث يعتبر نتنياهو أنه قادر على التصرف كما يشاء ومتى يشاء، دون وجود أي رادع على الصعيد الدولي، وخصوصًا من جانب الولايات المتحدة.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من الناصرة، يلفت خوري إلى أن الرد الإسرائيلي سيتم وفقًا لتصريحات نتنياهو ووزير أمنه يوآف غالانت وقائد الأركان هيرتسي هاليفي، مشيرًا إلى أن "إسرائيل تدرس المواقع التي تريد استهدافها وحجم هذا الاستهداف وما إذا كان سيستدعي ردًا إيرانيًا".
ويوضح أن نتنياهو يتحدث منذ سنوات عن ضرورة منع إيران من الوصول إلى أي برنامج نووي متطور، ما يرجّح أن "تكون المنشآت النووية الإيرانية هي الهدف الأول لإسرائيل".
وبحسب الخبير في الشأن الإسرائيلي، فهناك من يضغط باتجاه آخر ويسعى لأن تكون الضربة "مؤلمة بالبعد الاقتصادي" لإيران كدولة منتجة ومصدّرة للنفط. ويعتبر أن "استهداف المنشآت النفطية الإيرانية يمثل ضربة قد تغيّر موازين القوى"، حسب قوله.
ويلحظ خوري أن الحديث عن ضرب المنشآت النفطية الإيرانية رفع أسعار النفط الذي يعد عاملًا مؤثرًا في أميركا وأوروبا، مرجحًا أن يستمر النقاش بشأن الضربة على إيران لأسابيع وقد يتخطى الأمر حاجز الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
استراتيجية أميركية لوقف التصعيد
من جهته، يشير رئيس مكتب إيران في وكالة الاستخبارات الأميركية سابقًا نورمان رول إلى وجود "استراتيجية أميركية لخفض التصعيد المتنامي بين إسرائيل وإيران"، حيث كانت هذه الاستراتيجية موضع تنفيذ عند إحضار حاملة الطائرات الأميركية إلى البحر المتوسط لردع الحوثيين عن مهاجمة السفن الدولية وردع إيران، وتقليل تأثير أي هجوم إيراني على إسرائيل لكي "لا تشعر الأخيرة أنها ملزمة بشن حرب ضد إيران"، وفق قوله.
وفي حديثه إلى التلفزيون العربي من واشنطن، يرى رول أن إيران "شنّت هجومًا، لكنه كان نجاحًا مقرونًا بالفشل".
ويوضح أنه "من منظور أميركي، فإن إسرائيل تعرضت لهجوم من قبل دولة ذات سيادة، وهذا يُعد في أي قانون دولي بمثابة إعلان حرب. لكن الولايات المتحدة لا ترغب في المشاركة في هذه الحرب، وتسعى إلى تهدئة الوضع والتباحث مع إسرائيل لمنع التصعيد"، حسب قوله.
كما يشدد رول على أن الولايات المتحدة ليس لديها أي مصلحة في التورط في نزاع جديد في الشرق الأوسط.