بين لغة الحرب ومفردات الدبلوماسية والسياسة، تتوالى الأيام في ظل العدوان الذي تشنّه إسرائيل على قطاع غزة ولبنان، بالتزامن مع تهديد متزايد بانفجار مواجهة بين إيران وإسرائيل، ما يهدد استقرار المنطقة وفقًا لتعبير الأمين العام للأمم المتحدة، الذي أشار إلى أنّ أفعال تل أبيب ترقى إلى جريمة حرب.
وتوسع إسرائيل دائرة أهدافها، وتطرح مسارات جديدة في المواجهة، تزيد أكثر كلما صمت المجتمع الدولي على ممارسات جيشها وانتهاكاته الخطيرة في غزة ولبنان وميادين أخرى.
مسار سياسي جديد
وأمام لغة الحرب الإسرائيلية، يبدو أن هناك مسارًا سياسيًا تدفع به قطر ودول أخرى لإيجاد أرضية للاتفاق، ويقول رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إن وفدًا أميركيًا رفقة وفد إسرائيلي سيحطُّ في الدوحة خلال أيام، لبحث مسار المفاوضات التي مرت بمراحل واجهت تحديات بسبب حدوث تراجع كلما تم الاقتراب من الحل.
وقال بلينكن، الذي يقوم بجولته الحادية عشرة في المنطقة منذ بدء العدوان الإسرائيلي، "إن إسرائيل حققت أهدافها الاستراتيجية لضمان عدم تكرار ما حدث في السابع من أكتوبر"، مضيفًا "أن واشنطن أوضحت لتل أبيب أن أفعالها في لبنان يجب ألا تؤدي إلى حملة مطولة".
وضمن الجهود الدولية لإيجاد مخرج ما، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال المؤتمر الدولي لدعم سكانِ لبنان وسيادته في باريس، إنَّ "لبنان يواجه حربًا حضارية"، مؤكدًا حق الدولة اللبنانية ممارسة سيادتها على كامل أراضيها، مشيرًا إلى أن باريس ستدعم انتشار الجيش اللبناني من دون توضيحات في هذا السياق.
وأضاف الرئيس الفرنسي، الذي قدّم مئة مليون يورو لدعم لبنان، أنّه لن تكون هناك عودة إلى الوضع الحالي وأنّ القرار 1701 ينبغي أن يدخل حيز التنفيذ.
فرنسا تدعم لبنان
وفي هذا السياق، يشير الأكاديمي والباحث في العلاقات الدولية، جان بيار ميلالي، إلى أن تنظيم مؤتمر لدعم لبنان في فرنسا هو "مبادرة خير منفردة" تقوم بها فرنسا على الساحة الدولية، في وقت تستعد فيه الولايات المتحدة لانتخابات رئاسية مصيرية، وينقسم الأوروبيون بين الموقفين الفرنسي والألماني.
وفي حديثه إلى التلفزيون العربي من باريس، يرى ميلالي أن فرنسا وحدها لا يمكنها حل المعضلة الكبرى القائمة في لبنان، لكنها نجحت في حشد مبالغ كبيرة لدعم سكان لبنان والجيش اللبناني في ظل الحرب.
ويضيف ميلالي أن فرنسا تجري اتصالات مع نواب حزب الله في البرلمان اللبناني، وتقوم بما تستطيع فعله لمساعدة لبنان في هذه الظروف الصعبة.
الإدارة الأميركية "بطة عرجاء"
فيما يتعلق بالدور الأميركي في العمل على وقف الحرب في غزة والمنطقة، تعتبر المسؤولة السابقة في البيت الأبيض، جانيت ماكيلغوت، أن الانتخابات الأميركية ترتبط بشكل وثيق بما يجري في غزة، مشيرة إلى أن المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس راوغت في إجابتها مؤخرًا عندما سُئلت عن استمرار الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل.
وفي حديثها إلى التلفزيون العربي من لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، ترى ماكيلغوت أن وزير الخارجية بلينكن جزء من إدارة أميركية وصفتها بأنها "بطة عرجاء"، مشيرة إلى أن الرئيس بايدن في أيامه الأخيرة من ولايته، غير قادر على السيطرة على الأمور.
وأضافت: "كل ما انخرطت فيه الإدارة الأميركية لم يفضِ إلى شيء"، لافتة إلى أن "الأمور معقدة في منطقة الشرق الأوسط بسبب الدعم الأميركي الثابت لإسرائيل".
وفيما يتعلق بالقرار 1701، تعتبر ماكيلغوت أن الولايات المتحدة تعاني من "تضارب" حيث تطالب بوقف الأعمال العدائية، بينما ينغمس الأميركيون اليهود في دعم إسرائيل وتمويل الحملات الانتخابية الأميركية.
تأثير دولي محدود على نتنياهو
من جانبه، يعتبر رئيس تحرير موقع "عرب 48"، رامي منصور، أن الدعم الأميركي اللامحدود لإسرائيل يشجعها على المضي قدمًا في حربها. ويرى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يدرك أن الولايات المتحدة دخلت مرحلة الانتخابات الرئاسية، وأن أوروبا لن تتمكن من التأثير على إسرائيل.
وفي حديثه إلى التلفزيون العربي من حيفا، يرى منصور أن فرنسا تؤثر فقط على بعض الأطراف اللبنانية المعارضة التي تشجع إسرائيل على المضي في حربها على لبنان، وفق قوله.
كما يعتبر منصور أن أكثر ما يمكن أن يقدمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هو توفير الأموال لدعم اللبنانيين.
ويضيف منصور أن نتنياهو يعتبر أن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أهم من ماكرون، ويعتمد على أوروبا لتوفير الشرعية الدولية والتزود بالأسلحة فقط".
وبحسب رئيس تحرير موقع "عرب 48"، فإن إسرائيل تريد "تدمير حزب الله والقضاء عليه عسكريًا، حتى وإن بقي فاعلًا على الصعيد السياسي في لبنان". ويشير إلى أن إسرائيل تشجع المعارضة اللبنانية التي تتحدث عن حرب إيرانية، كأن حزب الله هو جسم إيراني داخل لبنان، مما يعزز موقف إسرائيل في استمرار حربها على لبنان.
كذلك يرصد منصور محاولة إسرائيلية لتغيير التركيبة السكانية في جنوب لبنان، حيث تسعى إسرائيل إلى "تطهير" المنطقة الحدودية الجنوبية والسيطرة على مناطق تمتد لأكثر من 5 كيلومترات، مما يسمح فقط للجيش اللبناني بالانتشار فيها.