الجمعة 13 Sep / September 2024

أزمة ما بعد الانقلاب في السودان.. طرق مسدودة وعقبات جمّة

أزمة ما بعد الانقلاب في السودان.. طرق مسدودة وعقبات جمّة

شارك القصة

تضغط بريطانيا لعقد جلسة طارئة في مجلس حقوق الإنسان الأممي حول المشهد السوداني بتأييد عشرات الدول، وتعتبر الانقلاب خيانة للثورة.

بطرق مسدودة كما تشير اتجاهات الأحداث، يعيش السودان أزمة ما بعد الانقلاب، في ظلّ عقبات جمّة تفصل بين البلاد والتغيير الذي خرج من أجله الآلاف ضد الرئيس الأسبق عمر البشير.

ومع مضيّ أيام على إطاحة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بالحكومة الانتقالية وحلّ المجلس السيادي وفرض حالة الطوارئ، لا يزال المشهد السوداني غارقًا، كما هو متوقع، بالتصريحات والدعوات.

ولعلّ أبرزها ما نُقل عن رئيس الوزراء عبد لله حمدوك عقب لقائه سفراء دول الترويكا الأميركية والأوروبية والنرويجية، حيث طالب بإطلاق سراح الوزراء، وتمسّك بعودة حكومته إلى مزاولة عملها كمدخل لحلّ النزاع.

في المقابل، يَعِد البرهان بإعلان حكومة قريبًا مكان حكومة حمدوك، فيما ينقل عنه مستشاره الإعلامي تحذيرًا بتأهّب الجيش ضد من سمّاهم بمستغلّي المرحلة الانتقالية لتحقيق أجندة حزبية ضيقة.

وفي حين يؤكد المجلس المركزي لتحالف قوى الحرية والتغيير أن "لا حوار مع الانقلابيين ولا تفاوض معهم"، ويدعو الجيش لإعادة البلاد لما كانت عليه قبل 25 أكتوبر الماضي، يبدو أنّ لمجموعة الميثاق الوطني رأيًا آخر، إذ دعت للحوار كمخرج للأزمة، ووصفت قرارات البرهان بالتصحيحية.

هل يعيد التاريخ نفسه؟

وتشير المعطيات المتوافرة إلى أنّ الأهواء الدولية تميل نحو العودة للوثيقة الدستورية واستكمال المسار الانتقالي.

في هذا السياق، تضغط بريطانيا لعقد جلسة طارئة في مجلس حقوق الإنسان الأممي بتأييد عشرات الدول، وتعتبر الانقلاب خيانة للثورة.

وتردّدت أصداء هذا الموقف في موقف المبعوث الأميركي الخاص للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان، الذي لم يزر الخرطوم مجدّدًا، لكنّ تصريحاته أحدثت وقعًا أقوى.

فقد تحدّث فيلتمان عن تفاوض عبد الفتاح البرهان معه بنية سيئة، وكرّر أهمية استئناف العمل معًا بين المكوّنين العسكري والمدني، كما قال إن العسكر كذبوا عليه ودعا البرهان لإعادة الحكومة وإطلاق سراح جميع المدنيين المحتجزين.

وقد يتقاطع هذا الموقف مع مسارات الأمم المتحدة أو مسارات إقليمية أخرى، ليبقى السؤال عمّا إذا كانت السيناريوهات المطروحة تشمل فقط بقاء عبد الله حمدوك في الصورة لاحقًا أم هذا يعني أيضًا مصير شخصيات من العسكر.

وفي النتيجة، فإنّ التاريخ لا يعيد نفسه تمامًا، لكنّه قد يتشابه كثيرًا، وعليه فإنّ السودان أمام عسكرة مطلقة قيد الإنجاز، أو تهدئة مؤقتة لوقف الضغوط الدولية أو الإقليمية، أو لربما صوت الشارع سيطغى ويجبر الجميع على الإنصات إليه.

لواشنطن "أكثر من توجّه ولسان"

وفي هذا السياق، يرى نقيب الصحافيين السودانيين الصادق الرزيقي أن للموقف الأميركي الجديد خلفيّات، مشيرًا إلى أنّه سبق أن أعطى المبعوث الأميركي فيلتمان إشارات لعدّة أطراف إقليمية وللداخل السوداني، وتحديدًا للبرهان وحمدوك.

ويشير في حديث إلى "العربي" من إسطنبول، إلى أنّه كان واضحًا منذ البداية أنّ للولايات المتحدة مصلحة في حسم الصراع السياسي الذي كان قائمًا بين المكونين العسكري والمدني.

ويعتبر أنّ ما يجري الآن هو جزء من "النفاق السياسي"، وفق توصيفه، لبعض الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة، موضحًا أنها "تعلن خلاف ما تبطن".

ويلفت إلى أنّ هنالك مواقف متناقضة من الإدارة الأميركية، مضيفًا أنّ "للولايات المتحدة كما هو ظاهر أكثر من توجه وأكثر من لسان".

ويؤكد أن قناعة كثير من السودانيين أنه لولا الضوء الأخضر الذي أعطته الولايات المتحدة لكثير من الأطراف العربية لما أقدم البرهان على القرارات التي اتخذها.

هل من "تناقض" في الموقف الأميركي؟

من جهته، يشير أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية وليام لورانس إلى أنّ فيلتمان يشعر بأنّه تعرض للخديعة والكذب، بعد أن أمضى عدّة أيام في الخرطوم قبل الانقلاب.

ويلفت في حديث إلى "العربي" من واشنطن، إلى أن فيلتمان اجتمع آنذاك بالعديد من المسؤولين، وفي مقدّمهم البرهان وحمدوك، وحاول منع هذا الانقلاب الذي يبدو أنه كان يخطط له منذ سبتمبر/ أيلول.

وخلافًا لما حصل في تونس، يلاحظ لورانس أنّ الولايات المتحدة سارعت إلى إدانة الانقلاب الذي قالت إنه يضرب التطلعات الديمقراطية للسودانيين، وهو ما دفعها إلى إيقاف مساعدات عاجلة ونسقت مع الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية أيضًا.

وإذ يعرب عن "دهشته" بسرعة الموقف الأميركي، رغم إقراره بوجود نوع من "التناقض" بين مختلف الجهات المعنية، يشدّد على أنّ "ما يهم الآن هو ما يجري على الأرض في السودان".

ويعرب عن اعتقاده بأنّ الولايات المتحدة ستبذل ما في وسعها من أجل دعم القوى الديمقراطية على الأرض، وفق قوله.

الشارع السوداني "رافض" للانقلاب

أما مساعد رئيس حزب الأمة القومي إسماعيل آدم علي، فيشدّد على وجوب العودة إلى ما قبل أحداث يوم 25 أكتوبر، حتى يتسنّى للجميع التفكير في السبل الكفيلة بحلّ الأزمة الناشئة ما بعد الانقلاب.

ويشير في حديث إلى "العربي" من الخرطوم، إلى أنّ هذا الانقلاب أعاد الشعب السوداني إلى الوراء كثيرًا، مضيفًا: "يجب أن نعود إلى اللحظة التي سبقت حصول الانقلاب ونفكّر في كيفية الوصول إلى حلول".

وفيما يدعو إلى العودة إلى الوثيقة الدستورية، يلفت إلى أنّه يمكن بعد ذلك للناس أن يجلسوا ويتحاوروا في كيفية تطوير هذه الوثيقة ومعالجة كل الإشكالات.

ويعتبر أنّ "كون الوثيقة معطلة من المكون العسكري، أمر خاطئ وغير صحيح، ولا يؤدي إلى حل للمشكل السوداني".

ويشدد على أنّ هذه الخطوات والإجراءات التي قام بها البرهان مرفوضة لدى الشعب السوداني بصورة واضحة، "وهذا ثبت جليًا في 30 أكتوبر حين خرج الشعب السوداني بأكمله رفضًا للانقلاب".

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close