توجه الناخبون الألمان إلى صناديق الاقتراع اليوم الأحد، للإدلاء بأصواتهم في انتخابات عامة من الصعب التنبؤ بما ستتمخض عنه ويشكل فيها الحزب الديمقراطي الاشتراكي المنتمي ليسار الوسط تحديًا كبيرًا للمحافظين الذين يستعدون لفترة ما بعد المستشارة أنغيلا ميركل.
وتتولى ميركل السلطة منذ عام 2005 لكنها تعتزم الاستقالة بعد الانتخابات ما يجعل التصويت حدثًا محوريًا في مسار أكبر القوى الاقتصادية في أوروبا.
وبعدما ظلت المستشارة المنتهية ولايتها التي ستعادل مرشدها المستشار الأسبق هيلموت كول من حيث طول عهدها، بمنأى عن السجالات الانتخابية، بذلت جهودًا مكثفة في الشوط الأخير من الحملة.
إسدال الستار على رحلة #أنغيلا_ميركل السياسية.. هذه أبرز محطات مشوار "المرأة الحديدية"👇#ألمانيا pic.twitter.com/iYejMyumw3
— أنا العربي - Ana Alaraby (@AnaAlarabytv) September 25, 2021
وخلال آخر تجمع انتخابي شاركت فيه ميركل (67 عامًا) التي قضت ثلاثين عامًا من حياتها في السياسة، دعت السبت في آخن للتصويت لصالح أرمين لاشيت من أجل "مستقبل" البلاد.
مسار الأصوات
ويعني توزّع أصوات الناخبين دخول الأحزاب الرئيسة في مشاورات مع بعضها قبل الشروع في مفاوضات رسمية لتشكيل ائتلاف قد تستغرق شهورًا وهو ما يبقي ميركل (67 عامًا) في السلطة لتصريف الأعمال.
ودعي الناخبون البالغ عددهم نحو 60 مليونًا إلى الإدلاء بأصواتهم حتى الساعة 18,00 (16,00 ت غ) لانتخاب نوابهم، فيما لا تزال نسبة الذين لم يحسموا خيارهم بعد بنسبة 40% من الناخبين.
ويسجل الاشتراكيون الديمقراطيون بزعامة وزير المال الحالي أولاف شولتز تقدمًا طفيفًا بحصولهم على 25% من نوايا الأصوات في مقابل 22 إلى 23% لمرشح المحافظين أرمين لاشيت، وهي نسبة متدنية تاريخيًا، بحسب آخر استطلاعات الرأي.
غير أن الفارق الضئيل للغاية بين وسط اليسار ووسط اليمين، لا يسمح بإطلاق تكهنات.
وبعد أن راوح الحزب الاشتراكي الديمقراطي لفترة طويلة في المرتبة الثالثة، حقق صعودًا لم يكن متوقعًا منذ منتصف أغسطس/ آب.
فقد نجح هذا الحزب، أحد أقدم الأحزاب في أوروبا، في مخالفة التكهنات التي كانت تتوقع له موتًا بطيئًا، على ضوء حملة زعيمه الخالية من أي خطأ، تقابلها أخطاء خصومه.
فبالرغم من افتقار مرشحه، رئيس بلدية هامبورغ سابقًا، إلى أي ميزة قيادية، إلا أنه قاد حملة لم تتخللها هفوة، لم يتردد خلالها في طرح نفسه في موقع الوريث الحقيقي لميركل.
أما المسيحيون الديمقراطيون، فقد يتراجعون للمرة الأولى منذ 1949 إلى ما دون عتبة 30% من الأصوات، بعدما تصدروا استطلاعات الرأي لفترة طويلة.
وعانى المحافظون من أخطاء زعيمهم الذي لا يتمتع بأي شعبية، فضلًا عن تراجع صورة الحزب مع بقائه طويلًا في السلطة.
لاشيت في مواجهة شولتس
وفي تجمع انتخابي بمدينته آخن يوم السبت، اعتبر مرشح المحافظين آرمين لاشيت وهو يقف إلى جوار ميركل أن تشكيل تحالف يساري يقوده الحزب الديمقراطي الاشتراكي مع حزب الخضر وحزب لينكه اليساري سيزعزع استقرار أوروبا.
وقال لاشيت البالغ من العمر 60 عامًا: "إنهم يرغبون في إخراجنا مع حلف شمال الأطلسي، ولا يريدون هذا الحلف. إنهم يريدون جمهورية أخرى، لا أريد أن يكون لينكه في الحكومة المقبلة".
وينافس لاشيت في الانتخابات أولاف شولتس مرشح الحزب الديمقراطي الاشتراكي ووزير المالية في ائتلاف ميركل الذي فاز بكل المناظرات التلفزيونية الثلاث لأبرز المرشحين.
ولم يستبعد شولتس (63 عامًا) التحالف مع حزب لينكه، لكنه قال إن عضوية حلف الأطلسي خط أحمر لحزبه.
ويطمح الخضر للمشاركة في الحكومة، وتحديدًا مع الاشتراكيين الديمقراطيين إذا أمكن، غير أنه قد يترتب للمرة الأولى منذ خمسينيات القرن الماضي ضمّ حزب ثالث إلى الائتلاف.
ويظهر ليبراليو الحزب الديمقراطي الحر منذ الآن في موقع "صانعي الملوك".
أما حزب "دي لينكه" اليساري الراديكالي، فيبدي استعدادًا للمشاركة، لكنه سيتحتم عليه قبل ذلك التخلي عن انتقاداته للحلف الأطلسي.
وتشير التوقعات إلى أن حزب "البديل لألمانيا" اليميني المتطرف الذي دخل للمرة الأولى إلى مجلس النواب قبل أربع سنوات، سيرسخ حضوره في البرلمان بحصوله على نحو 10% من الأصوات، لكنه يبقى مستبعدًا من أي ائتلاف محتمل.
العلاقة بالملفات الخارجية
وبعد حملات انتخابية تركزت على الشأن الداخلي، سيتعين على حلفاء برلين في أوروبا وخارجها الانتظار لشهور لمعرفة ما إذا كانت الحكومة الجديدة مستعدة للانخراط في القضايا الخارجية بالدرجة التي يرغبون فيها.
ويشير المشهد السياسي إلى احتمال تشكيل ائتلاف ثلاثي، ومنحت أحدث استطلاعات لآراء الناخبين الحزب الديمقراطي الاشتراكي تقدمًا بفارق ضئيل، لكن المحافظين ضيقوا الفجوة في الأيام الأخيرة ولم يحسم العديد من الناخبين آراءهم بعد.
وتشير أقرب السيناريوهات إلى أن الفائز من الحزب الديمقراطي الاشتراكي، وتحالف حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي سيشكل ائتلافًا مع حزب الخضر وحزب الديمقراطيين الأحرار.
وقال شولتس لأنصاره في دائرته بوتسدام قرب برلين: إنه ما زال يأمل في أن يحقق الحزب الديمقراطي الاشتراكي وحزب الخضر أغلبية تمكنهما من الحكم من دون الحاجة لطرف ثالث.