أفاد حقوقيون في المغرب اليوم الخميس، بأن "انتهاكات" الحقوق والحريات في البلاد تصاعدت في ظل استمرار حالة الطوارئ الصحية للعام الثاني على التوالي، فيما سجل "تراجعًا استثنائيًا وغير مسبوق" في ما يخص حرية الرأي والتعبير خلال العام الماضي.
وقال الحقوقيون: إنّ "طريقة تدبير الدولة لهذه الوضعية الاستثنائية" أثرت سلبًا على الحقوق والحريات، داعين في الوقت ذاته إلى "الكف عن استعمال قضايا الحق العام لمحاكمة الصحافيين".
"اعتقالات تعسفية وقرارات جائرة"
وجاء في تقرير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان المستقلة والذي نُشر اليوم الخميس أن "جائحة كوفيد أظهرت هشاشة الضمانات الدستورية للحقوق والحريات" التي سبق وأقرها المغرب.
وأضاف التقرير: "تواترت حالات تعنيف المواطنات والمواطنين بشكل مهين ومشين، وقمع التظاهرات ومنعها وتواصل الاعتقالات التعسفية، وإصدار مجموعة من القرارات الجائرة".
وقالت الجمعية في تقريرها: إنّ الدولة استغلت حالة الطوارئ المعلنة لمواجهة كوفيد "لتسييد مقاربتها الأمنية أكثر وإعادة إنتاج ممارسات سلطوية على حساب الحقوق والحريات، وللانقضاض على المكاسب الحقوقية الجزئية التي تحققت سنة 2011 بما فيها المنصوص عليها في الدستور".
وأشار التقرير إلى قيام النيابة العامة المغربية "مباشرة بعد إعلان حالة الطوارئ الصحية باعتقال مئات الألاف من المواطنين".
واستندت الجمعية إلى إحصاءات وزارة الداخلية التي أعلنت في وقت سابق والتي لحظت توقيف مليون و530 ألف مواطن بسبب خرق حالة الطوارئ الصحية في الفترة من 25 يوليو/ تموز 2020 إلى 22 أبريل/ نيسان 2021، جرى تقديم 280 ألفًا منهم للمحاكمة أي ما يفوق 18%".
"تراجع غير مسبوق" في حرية التعبير
كما سجل التقرير تراجعًا استثنائيًا وغير مسبوق فيما يخص حرية الرأي والتعبير والإعلام والصحافة والتدوين وعمل الجمعيات والحق في التجمع والتظاهر السلمي.
وأحصى التقرير 170 حالة لصحافيين ومدونين ونشطاء في حركات اجتماعية في مدن مختلفة تمت ملاحقتهم، أو اعتقالهم، "بسبب آرائهم". وذكر من بينهم الصحافيين سليمان الريسوني وعمر الراضي اللذين أدينا العام الماضي بالسجن 5 أعوام و6 أعوام تواليًا، في قضيتي اعتداء جنسي وتجسس بالنسبة إلى الراضي.
وعام 2018 حكم على الصحافي توفيق بوعشرين بالسجن 12 عامًا في قضية اعتداءات جنسية على ثماني ضحايا، قبل أن تشدد العقوبة إلى 15 عامًا في الاستئناف. وجميع هؤلاء الصحافيين أنكروا التهم الموجهة إليهم، معتبرين أنهم حوكموا بسبب آرائهم.
كما دعا التقرير إلى "إطلاق سراح معتقلي حرية الرأي والتعبير كافة وإصدار قانون يحمي المدافعين عن حقوق الإنسان من كل أشكال التضييق، وإلغاء كل الفصول المقيدة لحرية الصحافة، ورفع حال الطوارئ الصحية مع ضرورة التحديد الزمني".
الكف عن محاكمة الصحافيين
ودعت الجمعية، الأكبر من نوعها في المغرب، إلى "الكف عن استعمال قضايا الحق العام لمحاكمة الصحافيين بسبب عملهم الصحافي". وسبق لجمعيات حقوقية مغربية ودولية أخرى أن دعت لتمكين الصحافيين من الاستفادة من إفراج مؤقت وضمانات محاكمة عادلة.
وردًا على هذه الدعوات أكدت السلطات المغربية في عدة مناسبات على أن هذه الملاحقات تخص قضايا حق عام لا علاقة لها بحرية التعبير، مشددة على استقلال القضاء.
وكانت المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان أكدت في تقرير لها مؤخرًا "عدم وجود أي تردد أو تراجع يخص الإرادة العليا للدولة التي ظلت على الدوام، منفتحة، ومتطورة وحاسمة في اختيارات حقوق الإنسان"، مدينة "الاستغلال السياسي الأجنبي لحرية التعبير".