الجمعة 20 Sep / September 2024

بوتين يفتح المجال أمام تسويات.. ما هي سيناريوهات التصعيد في الأزمة الأوكرانية؟

بوتين يفتح المجال أمام تسويات.. ما هي سيناريوهات التصعيد في الأزمة الأوكرانية؟

شارك القصة

ناقش أستاذ العلاقات الدولية خطار أبو دياب خيارات التهدئة وسيناريوهات التصعيد في الأزمة الأوكرانية (الصورة: صفحة الرئاسة الفرنسية على تويتر)
ماكرون هو أول مسؤول غربي من الصف الأول يلتقي بوتين منذ تصاعد التوتر في ديسمبر، ويتوجّه اليوم إلى كييف للقاء نظيره الأوكراني في محاولة لإيجاد حلّ للأزمة.

أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن استعداده "للتوصّل إلى تسويات"، مبديًا انفتاحه على مقترحات تقدّم بها نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون لنزع فتيل الأزمة في أوكرانيا، متّهمًا في الوقت نفسه الغرب بتهديد روسيا.

وأمس الإثنين، أجرى الرئيسان الروسي والفرنسي محادثات استمرّت خمس ساعات في الكرملين، اقترح فيها ماكرون "بناء ضمانات أمنية ملموسة" لكلّ الدول المعنية بالأزمة الأوكرانية.

وأفادت الرئاسة الفرنسية أن اقتراحات ماكرون تشمل التزام عدم اتخاذ مبادرات عسكرية جديدة من الجانبين، ومباشرة حوار يتناول خصوصًا الانتشار العسكري الروسي، ومفاوضات سلام حول النزاع في أوكرانيا وبداية حوار إستراتيجي.

والرئيس الفرنسي هو أول مسؤول غربي من الصف الأول يلتقي الرئيس الروسي منذ تصاعد التوتر في ديسمبر/ كانون الأول.

وتأتي هذه الزيارة في إطار سلسلة من الجهود الدبلوماسية الأوروبية هذا الأسبوع والأسبوع المقبل.

واليوم الثلاثاء، يتوجّه ماكرون إلى كييف للقاء نظيره الأوكراني. والأسبوع المقبل سيزور برلين للقاء المستشار الألماني أولاف شولتس بعد عودة الأخير من واشنطن. وبدوره، يزور شولتس كييف وموسكو في 14 فبراير/ شباط و15 منه.

بوتين: لا يوجد بديل

واكتفى بوتين، في مؤتمر صحافي مشترك مع ماكرون، بالقول إنّ "بعضًا من هذه الأفكار، هذه المقترحات (...) يمكن أن تشكّل أساسًا لإحراز تقدم مشترك"، مشيرًا إلى عقد محادثات جديدة بين الطرفين بعد عودة ماكرون من كييف.

وأضاف بوتين: "فيما يتعلّق بنا، سوف نبذل أقصى جهودنا للتوصّل إلى تسويات تلائم الجميع"، مضيفًا أنه لن يكون هناك "رابحون" في حال اندلاع حرب في القارة الأوروبية.

لكنه لم يتطرّق إلى خططه بشأن عشرات آلاف الجنود الروس المنتشرين عند حدود أوكرانيا.

وندد بوتين مجددًا برفض الدول الغربية الموافقة على شرطه وقف توسع حلف شمال الأطلسي شرقًا، وسحب جنوده ومنشآته العسكرية من أوروبا الشرقية، نافيًا أن يكون قد هدّد أوكرانيا.

وقال بوتين: "الادعاء بأن روسيا تتصرف بطريقة عدائية غير منطقي"، مضيفًا: "لسنا من يتّجه نحو حدود الحلف الأطلسي".

كما أكد وجوب احترام السلطات الأوكرانية لاتفاقيات مينسك التي تم التوصل إليها بوساطة غربية بشأن النزاع العسكري مع الانفصاليين في البلاد، قائلًا: "أعتقد ببساطة أنه لا يوجد بديل".

ماكرون يحدّد أهدافه

وفي حين، شدّد بوتين على أن الخلافات قائمة مع حلف شمال الأطلسي، حدّد ماكرون مجددًا أهدافه وهي تحقيق "الاستقرار العسكري على المدى القصير، واستمرار الحوار بين روسيا والولايات المتحدة والدول الأوروبية من أجل إيجاد حلول تضمن أمن الجميع".

وقال ماكرون لنظيره الروسي: "لا أمن للأوروبيين ما لم يكن هناك أمن لروسيا". لكنّه، في الوقت نفسه، ذكّر الزعيم الروسي بأن دول البلطيق وغيرها من الدول الأوروبية الحدودية لديها على صعيد الأمن "المخاوف نفسها" التي تعبّر عنها روسيا.

وأوضح أن هذه البلدان "تشعر بأن اتفاقات مبرمة قد انتُهكت" مع نشر قوات روسية.

وقال ماكرون: "يجب أن نعيد معًا بناء هذه الحلول الملموسة لأننا نعيش على جانبي حدود مشتركة".

تباينات

إلا أن المؤتمر الصحافي المشترك سلّط الضوء على وجود تباينات كبيرة بين الرجلين تجلّت بتوتر الأجواء في نهاية المؤتمر.

وقال ماكرون: "من يؤمن بأوروبا عليه أن يعرف كيفية العمل مع روسيا. هل الأمر سهل؟ كلا. هل هناك بعض من نكران الجميل؟ نعم. هل يجب التخلي عن ذلك؟ كلا"، مشددًا على وجود "اختلافات" يجري العمل على حلها.

وأشاد الرئيس الفرنسي بنظيره الأوكراني وبضبط النفس الذي يمارسه على الرغم من انتشار 125 ألف جندي عند حدود بلاده، معتبرًا أن هذا الأمر "يثير التوتر".

وتوازيًا مع التحرّكات الدبلوماسية، أعلنت بريطانيا أنها سترسل 350 جنديًا إلى بولندا على خلفية الأزمة الأوكرانية مع روسيا.

"نزاع محدود"

وفي هذا الإطار، أوضح خطار أبو دياب، أستاذ العلاقات الدولية، أن العالم في سباق محتدم بين التوصّل إلى حلّ دبلوماسي للأزمة الأوكرانية، وبين خروج الأمور عن السيطرة، وهذا لا يعني بالضرورة حربًا كبيرة، إذ قد يقتصر الأمر على نزاع محدود.

وقال أبو دياب، في حديث إلى "العربي" من باريس: إن ماكرون استبق زيارته إلى موسكو بسلسلة اتصالات مع نظيريه الأميركي والبريطاني، وحتى المستشار الألماني، لأن الأزمة الأوكرانية تهدّد أمن أوروبا.

ورأى أن الولايات المتحدة تقوم بعملية "تضخيم إعلامي" للأزمة لمنع روسيا من الإقدام على مثل هذه المغامرة، وفي المقابل، تقوم روسيا عبر تحشيد قواتها على الحدود، بـ"اختبار قوة" حيث طوّقت أوكرانيا.

وقال إنه على الرغم من أن أوروبا تعيش استنفارًا لم يسبق له مثيل، لكنّه في الوقت نفسه أكد أن الفرص الدبلوماسية لا تزال قائمة، نظرًا إلى أن تداعيات أي مواجهة كبيرة ستكون كارثية على أوروبا.

واعتبر أن بوتين يحاول الانتقام اليوم لتفكّك الاتحاد السوفياتي، ويحاول إعادة روسيا ماليًا إلى الخريطة، واسترجاع ما أمكن من الاتحاد السوفييتي.

ورأى أنه في حال فشل كل المساعي الدبلوماسية، قد يحرّك بوتين نزاعًا في شرق أوكرانيا.

وإذ اعتبر أن الولايات المتحدة وروسيا رفعا سقف مطالبهما عاليًا، قال أبو دياب إن أوروبا تسعى عبر مساعيها الدبلوماسية إلى الخروج من هذا المأزق وإن كان ليس من السهل القيام بذلك.

وفي حال فشل المفاوضات الدبلوماسية في إيجاد حل، استبعد أبو دياب قيام روسيا بغزو شامل لأوكرانيا، مرجّحًا أن تلجأ إلى حرب سيبرانية، أو إلى نحريك الانفصاليين في دونباس وهو الاحتمال الأكثر ترجيحًا.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - وكالات
Close