الإثنين 2 Sep / September 2024

وسط دعم غربي غير مسبوق.. ما أسباب بطء الهجوم الأوكراني المضاد؟

وسط دعم غربي غير مسبوق.. ما أسباب بطء الهجوم الأوكراني المضاد؟

شارك القصة

فقرة من برنامج "قضايا" تسلط الضوء على مسار الهجوم الأوكراني المضاد وأسباب تعطل تقدمه (الصورة: غيتي)
يبقى الدعم الغربي شريان الحياة للقوات الأوكرانية بمقابل الآلة العسكرية الروسية التي قد تعود لزمام المبادرة إن توقف الهجوم المضاد لأيّ سبب من الأسباب.

تواصل القوات الأوكرانية عملياتها في محيط مدينة باخموت، وتقدمها البطيء نحو دونيتسك وزابوروجيا مع استمرار هجومها المضاد لاستعادة الأراضي والمناطق التي احتلتها روسيا منذ بدء هجومها العسكري.

ففي باخموت تحديدًا تواصلت المحاولات الأوكرانية للسيطرة على المرتفعات المطلة على المدينة الإستراتيجية التي تسيطر عليها روسيا.

معارك عنيفة في باخموت

كانت الخطة التي رسمتها القيادة العسكرية في كييف تقتضي محاصرة الجنود الروس داخل المدينة. ودفع هذا الوضع الأوكرانيون إلى التركيز على تصفية الجيوب الروسية حول باخموت والشوارع الرئيسة المؤدية إليها.

تكثف الهجوم على عدة قطاعات بدءًا من 15 من يوليو/ تموز الجاري على منطقة أندرييفا الواقعة على بعد 10 كيلومترات جنوب باخموت. وعبرت القوات الأوكرانية قناة سيفيرسكي دونيتسك في المنطقة.

وشهدت باخموت معارك عنيفة لعدة أشهر بمشاركة قوات فاغنر التي انسحبت لاحقًا من جبهات القتال بعد التمرد الذي قاده رئيسها بفجيني بيغوجين في 23 من يونيو الماضي ضد الكرملين.

بعد هذا التراجع، أقالت القيادة الروسية فلاديمير سيليفرستوف قائد الفرقة 106 المحمولة جوًا بعد تقارير عن سوء إدارته للجبهة الشمالية لباخموت، وعلاقته بمتمردي فاغنر، الذين عملت معهم الفرقة جنبًا إلى جنب للسيطرة على المدينة.

خلافًا لجبهة باخموت، فإن المواجهة ضارية على جبهة دونيتسك وزابوروجيا - غيتي
خلافًا لجبهة باخموت، فإن المواجهة ضارية على جبهة دونيتسك وزابوروجيا - غيتي

خريطة الحرب

وخلافًا لجبهة باخموت، فقد كانت المواجهة الضارية على جبهة دونيتسك وزابوروجيا، حيث استعادت القوات الأوكرانية ما يقرب من 250 كيلومترًا مربعًا منذ بداية الهجوم المضاد.

وبحسب معهد دراسات الحرب الأميركي، فإن هذه المساحة تشكل تقريبًا نفس المساحة التي استولت عليها روسيا في الأشهر الستة الماضية. وتهدف القوات الأوكرانية للوصول إلى خطوط الدفاع الرئيسة للروس على الجبهة الشرقية والشرقية الجنوبية.

وشمل التقدم الأوكراني المنطقة الحدودية الغربية لدونيتسك مع الحدود الشرقية لزابوروجيا وصولًا إلى بحيرة كاخوفكا، وهي المنطقة التي تشهد صمودًا روسيًا لمنع الأوكرانيين من الوصول إلى بحر آزوف، ما أفقد الهجوم المضاد الأوكراني زخمه المأمول.

في المقابل، كثفت روسيا قصفها للمدن الأوكرانية بما فيها العاصمة كييف عبر ضربات صاروخية واسعة النطاق، حيث شاركت الطائرات المسيّرة إيرانية الصنع في هذه الهجمات التي عجزت الدفاعات الجوية الأوكرانية عن صدها.

التمترس الروسي

وفي هذا السياق، ذكرت تقارير غربية بأن الجيش الأوكراني خسر ما يقرب من 20% من المعدات العسكرية التي حصل عليها من الغرب في الأسابيع الأولى للهجوم المضاد، ما أبطأ العملية العسكرية على الجبهات الواسعة مع التركيز على إنهاك القوات الروسية بالمدفعية والصواريخ بعيدة المدى.

بات الهجوم الأوكراني المضاد على طاولة الاختبار ووقائع المعارك تكشف حجم وزخم الحملة العسكرية الأوكرانية على جبهات القتال بهدف استعادة المناطق التي سيطرت عليها روسيا منذ بدء هجومها في فبراير/ شباط من العام الماضي.

تقدمت القوات الأوكرانية سريعًا على جبهة باخموت، لكنها لم تتمكن من الحفاظ على نفس الوتيرة في الجبهات الأخرى، سيما وأن التمترس الروسي عند خطوط الدفاع في دونتسك وزابوروجيا أبطأ من وتيرة التقدم المأمول من الحملة المضادة.

كما صدت روسيا هجومًا جويًا وبحريًا على شبه جزيرة القرم، حيث تمكنت الدفاعات الروسية من إسقاط المسيّرات وتدمير القوارب الأوكرانية في المياه الإقليمية للقرم.

كييف لم تنتزع اعترافًا حاسمًا بعضويتها في الناتو - غيتي
كييف لم تنتزع اعترافًا حاسمًا بعضويتها في الناتو - غيتي

تأرجح سياسي أوكراني

وقابل التأرجح الأوكراني على جبهات القتال تأرجح آخر على جبهات السياسة، ففي الوقت الذي تطلعت فيه كييف إلى رفض الزخم العسكري لحملتها المضادة بمكسب سياسي مع حلف شمال الأطلسي، كانت النتيجة مخيبة وذلك لعدم انتزاعها اعترافًا حاسمًا بعضويتها في الناتو.

لقد كان واضحًا في القمة التي جمعت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فلوديمير مع أعضاء الحلف أن الرغبة في ضم أوكرانيا لم تلق الإجماع المطلوب ولا حتى تحديد إطار زمني، ليبقى المكسب فقط في استمرار الدعم العسكري الأطلسي لبلاده.

هذا الدعم الذي يبقي شريان الحياة للقوات الأوكرانية بمقابل الآلة العسكرية الروسية الضخمة التي قد تعود لزمام المبادرة إن توقف الهجوم المضاد لأي سبب من الأسباب.

وتتصدر واشنطن هذا التوجه في الحلف، وهي التي تدرك أن عضوية كييف في الناتو ستضع الحلف في مواجهة مباشرة وصريحة مع موسكو، مع ما يعنيه ذلك من تغيير جذري في معادلة الحرب.

لهذا كان الخيار الأميركي بالتأكيد على استمرار دعمها العسكري طويل الأمد ومدّ أوكرانيا بالمعدات العسكرية والأسلحة المتطورة، فضلًا عن المعلومات الاستخبارية التي ساهمت في صمود الأوكرانيين بداية ثم انتقالهم إلى مرحلة الهجوم.

وكان تقديم القنابل العنقودية للجيش الأوكراني في تجاوز للقوانين الدولية تعويضًا عن الاستنزاف الكبير في الذخائر والمعدات الحربية على جبهة طويلة تمتد إلى أكثر من ألف كيلومتر.

في المحصلة، لم تكتسب كييف العضوية التي ترتجيها في حلف "الناتو" إلا أنها باتت بحكم الواقع جزءًا من حلف غربي يضع أوكرانيا في مقدمة المواجهة مع روسيا، وهي تدرك أن مصيرها أصبح مرتبطًا بالأجندة الغربية وإستراتيجية حلف شمال الأطلسي.

تقدم أوكراني على جبهة باخموت، لكن لم تحافظ القوات الأوكرانية على نفس الوتيرة في الجبهات الأخرى - غيتي
تقدم أوكراني على جبهة باخموت، لكن لم تحافظ القوات الأوكرانية على نفس الوتيرة في الجبهات الأخرى - غيتي

أسباب متعددة وراء البطء الأوكراني

وفي هذا الإطار، يرى رئيس برنامج الدراسات الأمنية في معهد الدوحة للدراسات العليا عمر عاشور أن الأسباب متعددة وراء التقدم البطيء للقوات الأوكرانية في هجومها المضاد لاستعادة المناطق المحتلة من قبل روسيا.

ويوضح في حديثه لـ"العربي" من لندن أن جزءا من تلك الأسباب يعود إلى الجانب الأوكراني وخسائره الكبيرة في المعدات التي يحتاجها لتحقيق اختراقات في الهجوم المضاد، لا سيما في معدات إزالة الألغام وندرة المضادات قصيرة المدى ومضادات الطيران.

كما يرى أن القوات الأوكرانية لم تتلق التدريبات الكافية على التنسيق ما بين المدفعية والمدرعات والمشاة، وبدلًا من استخدام هذه المعدات في وقت منسق واحد تضطر إلى التقدم قليلًا بالمدرعات ثم المشاة وإزالة الألغام، لذلك فالتقدم بطيء في الهجوم المضاد، بحسب عاشور.

ويلفت إلى عدم وجود أيّ تفوق جوي للقوات الأوكرانية في ظل تمترس روسي شديد وتحصينات عالية في مواقعهم وعلى كامل خطوط جبهات القتال.


المزيد من النقاش حول مسار الهجوم الأوكراني المضاد والتكتيكات العسكرية المتبعة في الحلقة المرفقة من برنامج "قضايا".

تابع القراءة
المصادر:
العربي